لماذا تدعم روسيا قطر و ايران.. و تماطل مع مصر و الخليج؟
مقال / أحمد صالح
نظرة شاملة على الملف الروسي في منطقة الشرق الأوسط ..
- روسيا و علاقتها بالمنطقة العربية
- الدعم الروسي الضخم لسوريا .. اهدافه
- علاقة قطر بروسيا .. شبهات ممولة
- موقف روسيا من مصر .. علامات استفهام
روسيا و علاقتها بالمنطقة العربية
لاشك أن روسيا قوة عسكرية و اقتصادية كبيرة، لكنها خسرت كثيراً جراء الحرب الباردة طوال سنوات مع الولايات المتحدة الأمريكية، تنازلت فيها روسيا الاتحادية عن عواصم و أموال ضخمة لطالما كانت عوناً لها في حربها ضد أمريكا.
و مع غياب الروس عن الساحة العربية منذ حرب أكتوبر 1973، تسعى روسيا للعودة للمنطقة للاستفادة من الاموال الضائعة، التي ساندتها في فترات التقلبات السوفيتية، وخاصة في فترة الخمسينيات و الستينيات من القرن الماضي.
و بالفعل .. وجدت روسيا في تغذية الخلاف الشيعي السني مفتاحاً للمنطقة، و لقلة الخيارات أمام روسيا بسبب انجذاب الوطن العربي تجاه الولايات المتحدة خلال الثمانينيات و التسعينيات، قدمت روسيا الدعم لإيران باعتبارها قائد ثان أكبر تجمع اسلامي في منطقة الشرق الأوسط - الشيعة -.
ايران لمكانتها عند الشيعة، وباعتبار أنها تمثل المرجعية الاكبر لهم، تملك التأثير على ملايين الأشخاص في الوطن العربي و الاسلامي بمنطقة الشرق الاوسط، و بخاصة تجمعات الشيعة في العراق، و سوريا، اليمن، و لبنان.
كما حاولت روسيا ايجاد علاقات مستقرة مع دول لم تنخرط في الصراع الديني، مثل مصر، و الجزائر، و المغرب، إلا أن ذلك بدأ في وقت متأخر من التسعينيات مع تراجع الدور الامريكي بفعل الأزمات الاقتصادية، و الخلافات على قضايا الانتفاضة و الدولة الفلسطينية.
وعلى ذلك فقد ضمنت روسيا قبيل ما يسمى بالربيع العربي تواجدها في المنطقة، بقوتين مؤثرتين تدفعانها لأي استفادة من تلك الانقلابات غير المحسوبة في الأنظمة و المواقف الدولية ممثلتان في الهلال الشيعي، و دول الوسط.
و للتذكير فقد اقامت روسيا مع ايران علاقات قوية، مهدت لاستفادة ايران من الخبرة الروسية في مجال التصنيع النووي، و تطوير الاسلحة الباليستية، في مقابل تسهيلات و عمليات تجارية، و أموال ضخمة دعمت الأقتصاد الروسي المتهالك في الفترة ذاتها.
الدعم الروسي الضخم لسوريا .. اهدافه
مع تعاظم الارتباط الروسي الايراني، اصبحت المصالح الايرانية تحمل شعار "حصانة روسية" من أي مواقف دولية تحاول وقف تقدمها، و صار من غير المقبول لأي كيان أن يهدد مصالح ايران "الروسية" في العالم.
وعليه اصبح من الطبيعي و المنطقي أن تدافع روسيا عن سوريا ضد الجماعات المسلحة، لا حماية للمدنيين، وانما حماية لاستثمارات ضخمة مستقبلاً تتعلق بالغاز الطبيعي، و الاستثمار في منطقة البحر المتوسط و الشام.
وبالطبع لا يمكن اغفال الرغبة الايرانية في وضع علامة "شيعي" على الأرض السورية بكاملها، فقد انفقت ايران الملايين من الدولارات لدعم القوات السورية عسكريا،و جلب المقاتلين الشيعة على الارض السورية، وكذلك "تسييل لعاب الدب الروسي" على المستقبل السوري.
علاقة قطر بروسيا .. شبهات ممولة
مع ظهور الازمة القطرية العربية، اتخذت روسيا موقف الدفاع "المستتر" عن دويلة قطر في مواجهة دول مكافحة الإرهاب، وذلك لاعتبارات كثيرة نسرد بعضاً منها:
أولا: تهديد قطر للمصالح الروسية الايرانية في سوريا، بتقديمها الدعم لجماعات مسلحة على الأرض تحارب النظام.. مما يعني وقف هذا التمويل.
ثانيا: استغلال الحاجة القطرية الماسة للدعم اللوجستي و الاقتصادي لمواجهة اي عقوبات، مما يعني فوز ايران و روسيا بنصيب أكبر من الاموال القطرية الحائرة.
ثالثا: رغبة روسيا "الدفينة" في معاقبة حلفاء أمريكا - الخليج و مصر - عقاباً على سنوات تخلت فيها تلك الدول عن دعم روسيا مما هدد الاتحاد الروسي بالتفكك و الانهيار.
رابعاً : الاستفادة من الطاقة القطرية واهمها الغاز الطبيعي، وذلك لامداد أوروبا باستثمارات روسية بالغاز الطبيعي عبر سوريا حال استقرار الأمور.
وعليه ظهر الموقف الروسي "الخبيث" الداعم لقطر، والمتستر تحت الدعوة لتهدئة الموقف، و حل الأزمة بالحوار، و تجنب المقاطعة الاقتصادية للدوحة.
موقف روسيا من مصر .. علامات استفهام
ذكرنا أن الموقف الروسي حاول استقطاب القيادة في القاهرة على مدار سنوات، إلا أن التأثير الامريكي كان أقوى في الساحة المصرية، و هو ما عزز الرغبة الروسية حالياً في معاقبة مصر على سنوات القطيعة الروسية.
وهو ما ظهر جلياً في المفاوضات الأخيرة التي دارت بين القاهرة و موسكو، بشأن استئناف رحلات الطيران الروسي لمصر، ومشروع محطة الطاقة النووية المصرية، ومنطقة الاقتصاد الروسي في قناة السويس.
حيث حاولت روسيا التلاعب بالأوراق لكسب أكبر منفعة من المصالح الثلاث، والضغط على القاهرة "الجريحة" بأزمتها الاقتصادية للقبول بأضعف المكاسب من وراء الكواليس، مع اظهار الدعم الإعلامي لكسب تعاطف الشعب المصري الذي اعتبر أمريكا "اخطر التهديدات على بقائه".
الموقف الروسي في المنطقة .. نقاط محددة
أولا: المتابع للموقف الروسي خلال السنوات الماضية سيتوصل ليقين لا حيود عنه، وهو أن روسيا تحاول تطبيق التجربة الأمريكية، ولكن هذه المرة بالمنطق المعاكس.
فالولايات المتحدة قدمت الدم للحشد السني، في مواجهة التشييع الإيراني، و في نفس الوقت أمدت بمنظمات أمريكية و صهيونية الحشد الإيراني بما يلزمه للقيام، و التوسع... حتى يتحول لخطر على المنطقة العربية و الاسلامية "السنية" فتحاول تلك الدول اللجوء لها لوقف تمدده.. وكلما زاد الخطر الايراني، زادت الحاجة العربية للولايات المتحدة، وارتفعت مصالحها.
و اليوم تحاول روسيا دعم الحشد "الشيعي" في مواجة الحشد السني، مع تقديم دعم للحشد السني على أن يكون "مدفوع الثمن"، حتى تستفيد من بيع صفقات السلاح للدول العربية و الخليجية خاصة، لمواجهة التهديدات الايرانية.
ثانياً: الرغبة الروسية في معاقبة الدول المقاطعة لها اثناء الحرب الباردة، يضعها في خيار لا بديل عنه من دعم قطر لفتح بوابة أموال جديدة من قادة الخليج، و كذلك الاستفادة من المحاولات المصرية للاصلاح الاقتصادي في التوسع بالقارة السمراء عبر منطقة قناة السويس.
وللاسف الشديد فالعقلية "السوفيتية" الحاكمة لروسيا، لا تنسى خصوماتها بسهولة، فرغم الحاجة الماسة لروسيا لفتح طرفيات اقتصادية جديدة لمواجهة العقوبات الأمريكية الأوربية، إلا أنها تماطل بشدة لإذلال الدول العربية انتقاماً من الغريم الأمريكي.
تصنيف الخبر
مقالات



ليست هناك تعليقات: